عقدت منظمة العفو الدولية مؤتمرا صحافيا في "انتورك" بيروت، كان من المفترض ان يتحدث فيه الامين العام الجديد للمنظمة كومي نايدو الذي اعتذر عن عدم تمكنه ونابت عنه المديرة العامة للبحوث آنا نيستات، في حضور المديرة الاقليمية للشرق الاوسط وشمال افريقيا هبة مرايف والباحثة في الشؤون السورية ديان سمعان.
وقالت مرايف: "السبب الاول للقاء هو ان الامين العام تمكن من زيارة نادرة للرقة واستطاع ان يكون في الميدان وتحقق من كل ما يجري وتحدث الى الشهود والسلطات. والسبب الثاني هو السرد الذي تشكل امام الازمة السورية والمتمثل بالخطاب حول اعادة الاعمار وبناء مساحات ومنازل لكي يعود السكان. ونحن قلقون حيال هذا السرد وفريقنا يتابع عملية الرصد ونؤمن ان هذا الخطاب سابق لأوانه وما زالت هناك اضطرابات".
ومن جهتها، قالت نيستات: "شاهدنا الخراب المروع والدمار البشري في الرقة بعد مرور عام على نهاية المعركة التي استخدم فيها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية، قوة عسكرية مفرطة لطرد المجموعة المسلحة التي تطلق على نفسها اسم الدولة الاسلامية الى خارج المدينة. ما رأيته في الرقة صدمني بشدة، فالمدينة عبارة عن هيكل مبان بعد تعرضها لقصف مدمر بالقنابل فلا يوجد مياه للشرب او كهرباء ورائحة الموت تنتشر في الهواء، واي شخص يستطيع العيش هناك يكون يتحدى المنطق ويقف شاهدا على الصمود الرائع للمدنيين في المدينة. ان الهجمات التي نفذها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لم يقتل مئات المدنيين فحسب بل اسفرت ايضا عن نزوح عشرات الالاف الذين عادوا الان الى مدينة مدمرة بينما يقبع العديد من الاشخاص الاخرين في المخيمات".
أضافت: "هناك واقع مروع مماثل يواجهه الناجون من المدنيين في العديد من المدن الاخرى حيث دمرت القوات السورية والروسية المستشفيات والمرافق الطبية والمدارس والبنية التحتية وحرمت الناس من حقوقها الاساسية وكذلك منازلها. ونظرا لان الموعد النهائي لاقامة منطقة منزوعة السلاح في ادلب سينتهي في غضون ثلاثة ايام، فإنني أخشى ان يواجه المدنيون مصيرا مماثلا اذا لم تمتثل اطراف النزاع للاتفاق".
وتابعت: "كما ذكر الرئيس بشار الاسد في آخر تصريح له لوسائل الاعلام، فإن هذه الاتفاقية مؤقتة فقط ما يعني ان المدنيين قد لا يتمتعون بالحماية لفترة طويلة خاصة اولئك الذين يعيشون خارج المنطقة المذكورة".
ودعت باسم المنظمة "روسيا وتركيا وايران الى الحيلولة دون وقوع كارثة انسانية اخرى في ادلب، احد معاقل المعارضة الاخيرة في سوريا، فقد استطاعوا انشاء منطقة منزوعة السلاح لا تحمي سوى جزء صغير من سكان المنطقة ولكن يجب ضمان توفير الحماية للمنطقة بكاملها".
وقالت: "الشعب السوري اعتاد على الوعود الفاشلة لتوفير الامن والامان خاصة من قبل روسيا والحكومة السورية، وسوف نراقب تنفيذ اتفاقية المنطقة المنزوعة السلاح وسنواصل الكشف عن انتهاكات القانون الانساني الدولي المرتكبة ضد المدنيين الذين يعيشون داخل وخارج المنطقة من قبل جميع اطراف النزاع. أعيننا على ادلب ويجب على بقية المجتمع الدولي ألا يتجاهل هذه القضية. ان مخاوفنا تجاه السكان المدنيين في ادلب تستند الى سجل الحكومة السورية في الازدراء التام للمبادىء الاساسية للانسانية".
أضافت: "المنظمة وثقت عشرات الهجمات غير القانونية على المدنيين والمناطق المدنية من قبل الحكومة السورية التي تدعمها روسيا وايران، وايضا من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي تدعمها تركيا ودول اخرى، فقتل واصيب عشرات الالاف من المدنيين في هجمات غير قانونية للحكومة السورية. وتعرض عشرات الالاف للاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب. كما ادت الهجمات الى نزوح الملايين داخليا وحرمانهم من الحصول على الغذاء وغيره من ضرورات الحياة، ناهيك عن الاف المدنيين الذين هجروا على ايدي الحكومة السورية بعد تعرضهم لعمليات حصار مروعة وحملات قصف من قبل القوات الحكومية وبقدر اقل على ايدي جماعات المعارضة المسلحة".
وختمت: "يجب على جميع الاطراف بما في ذلك الحكومة السورية وحلفاؤها والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ان تقدم للضحايا وعائلاتهم تعويضا كاملا، فالحكومة السورية لا تتقاعس عن هذا الالتزام وحسب بل تواصل ارتكاب جرائم الحرب التي تشمل الهجوم على المدنيين عمدا في الغوطة الشرقية ودرعا وتهجير الالاف قسرا ومنع الوكالات الانسانية من تقديم المساعدات المنقذة للحياة الى اولئك الذين يبقون في المناطق".