أشار المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان إلى أن "فكرة الشرطة المجتمعية جاءت من مفهوم أساسي هو التواصل الوطيد بين قوى الأمن الداخلي والمجتمع الذي بات يحتاج أكثر من أي وقت مضى للأمن والأمان"، لافتا إلى أن "الغاية الأساسية من عملنا في هذا المضمار هو خدمة المجتمع وحمايته من الجرائم التي يسببها أو يرتكبها بعض أفراده وذلك ضمن حدود قانون يجمع أو يجتمع عليه كل الوطن بمؤسساته وإداراته وشعبه، ويوكل لهذه الغاية قوى أمنية شرعية مرتبطة بسلطة قضائية تعطي وتعيد الحقوق لأصحابها"، موضحا أن "فكرة الشرطة المجتمعية أتت لتحقيق وسيلتين أساسيتين لمحاربة الجريمة، الوسيلة الأولى تأتي عبر تجهيز المؤسسات الأمنية المعنية بما يلزم من معدات وتقنيات من شأنها كشف المجرمين والمساعدة على توقيفهم، أما الوسيلة الثانية فهي عبر العنصر البشري المساعد وأعني المجتمع، فبشراكته مع قوى الأمن الداخلي يمكن الحصول على المعلومات التي تؤدي إلى كشف الجرائم وتوقيف فاعليها وإحالتهم أمام القضاء المختص وبالتالي نتوصل سويّاً إلى أمن وعدالة متكاملين".
وفي كلمة له خلال حفل تدشين مبنى السرية الإقليمية الأولى وافتتاح فصيلتي الروشة والرملة البيضاء النموذجيتين أكد اللواء عثمان أن "قوى الأمن الداخلي أصبحت مؤسسة أمنية قادرة ولديها الإمكانيات ولم يعد خافياً على أحد القدرات العملانية والتقنية التي أظهرتها على مدى السنوات الأخيرة في كشف الجرائم الجنائية والإرهابية بدقة عالية وسرعة قياسية، وفي توقيف أخطر المرتكبين، تحت إشراف القضاء، وسوقهم إلى العدالة"، مشددا على أنه "رغم كل العثرات ومهما اعترضنا من عوائق، مستمرون وبدعم ملحوظ من شركائنا وأصدقائنا في العالم ونخص بالذكر المملكة المتحدة البريطانية، مستمرون بمكافحة الجريمة مهما كان نوعها، مستمرون في ملاحقة المجرمين والخارجين عن القانون مهما كلفنا ذلك من تضحيات، فشهداؤنا لم يبخلوا على لبنان بدمائهم لتستمر فيه دولة القانون، ونحن مستعدون لبذل الغالي والنفيس في هذا السبيل ولن يثنينا أحد عن قناعاتنا ببناء الدولة وتطوير مؤسساتها".
ورأى اللواء عثمان أنه "لا شك بعد نجاح تجربة الفصائل النموذجية التي تم استحداثها في السنوات الأخيرة وما أثبتته من فعالية بهدف جعل من كل مواطن خفير، وفي إطار استكمال عملية نشر الشرطة المجتمعية على ربوع الوطن نفتتحٌ اليوم سوياً مع أصدقائنا في السفارة البريطانية المبنى الجديد الذي يضم قيادة السرية الإقليمية الأولى في بيروت وفصيلتي الرملة البيضاء والروشة لتصبحا فصيلتين نموذجيتين أكثر ملاءمة لاستقبال المواطنين والمقيمين والاستماع الى شكواهم"، معتبرا أن "هذه الخطوة ليست الأولى من هذا النوع ولن تكون الأخيرة، فالتطوير والتحديث يتطلبان المثابرة والمتابعة. وقرارنا باعتماد الشرطة المجتمعية كعمل نموذجي مستقبلي لقوى الأمن الداخلي يهدف الى زيادة الوعي الأمني لدى الناس وتعزيز الثقة والاحترام المتبادل، واعتماد الصدقية في التعاون لتصبح ثقافةً ينتهجها اللبنانيون وليس لغايات شخصية أو لمصلحة آنيّة".
من جهته أثنى السفير البريطاني في لبنان كريس رامبلنغ على "المثابرة والتفاني الظاهرين في أداء عناصر قوى الأمن الداخلي، رجالًا ونساء، حيث تبنوّا التغييرات المعتمدة من أجل التحوّل إلى نموذج معاصر للعمل الشرطي. وأضاف "يتجلى ذلك في تعزيز المحاسبة تجاه الشراكات المجتمعية ورفع مستوى المهنية في التطويع والتدريب، فضلًا عن اعتماد آليات محسنة للتبليغ عن الجرائم"، مشيرا إلى أن "فصيلة رأس بيروت التي أعيد تأهيلها وتجهيزها كانت الفصيلة النموذجية الأولى التي يُطبّق فيها نموذج التعاون مع المجتمع في العام ٢٠١٤، وكانت في الواقع الفصيلة الوحيدة في لبنان التي تضم ضباط تحقيق من النساء". وتابع قائلًا: "سنواصل العمل مع شركائنا على دعم خطط مؤسسة قوى الأمن الداخلي وإصلاحاتها من خلال توفير الدعم للمشاريع المحددة ضمن الخطة الاستراتيجية، التي تشمل ضمن مكوناتها الأساسية تعميم تطبيق نموذج الشرطة المجتمعية".
بدوره شدد مدير البرنامج البريطاني لدعم قوى الأمن الداخلي، جوناثان ماك أيفر على أنَّ "تدشين فصيلتَيْ الروشة والرملة البيضاء ومقرّ قيادة سرية بيروت الإقليمية الأولى قد جاء ليتوّج 15 شهرًا من العمل المجتهد والجدي، ولكنَّه ليس أكثر من جزءٍ واحد من مفهومٍ متكامل للعمل الشرطي"، معتبرا أن "مفهوم العمل الشرُطي الحديث يقوم على المعلومات والاستقصاءات، والعمل الوقائي والاستباقي، والتعاون والتواصل مع المجتمع، وكل ذلك يتطلب تحليلًا فعالًا للبيانات والجرائم فيما يتخطى قدرة الفصائل الفردية. كذلك فإنَّ الدعم الذي يوفّره المشروع البريطاني من أجل اعتماد المكننة عبر كافة فصائل شرطة بيروت يكتسب أيضًا أهمية حيوية لنجاح هذا المشروع".
بعد ذلك، انتقل اللواء عثمان والسفير البريطاني برفقة حشدٍ من الفعاليات المشاركة لافتتاح المبنى النموذجي، بعدها جال الحاضرون داخل أقسامه مستعرضين الغرف والمكاتب، كما اخذت الصور التذكارية، وأقيم حفل كوكتيل في المناسبة.